تناول هذا الكتاب موضوع المنفعة المستقبلية للعقوبات الجنائية من منظور إصلاحي؛ لما لها من أهمية في إصلاح الجاني ومكافحة الجريمة وليس مكافحة المجرم في حد ذاته؛ أي إن المجتمع في حرب على الجريمة وليس في حرب على المجرم، كما أن العقوبة في حد ذاتها، على الرغم من ضرورتها لا تفيد في شيء وبخاصة إذا تعلق الأمر بفعل إجرامي حدث وانتهى؛ لأنها لا تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل الإجرامي، ومن هنا اكتسبت منفعة العقوبة صفتها المستقبلية. أما المستفيد من هذه المنفعة فينبغي أن يكون بالدرجة الأولى المجتمع بأسره، ثم بعد ذلك الفرد الجاني نفسه.وأكد الكتاب أن المنفعة المستقبلية للعقوبة لا يمكن أن تتحقق بالنظر إلى الماضي فقط؛ فالفعل الإجرامي يكون قد حدث وانتهى، وإنما بالنظر إلى المستقبل وفي إطارها يتم انتقاء العقوبة الأكثر تجانسًا وتآزرًا مع البرامج الإصلاحية لتحقيق المنفعة المستقبلية للعقوبة، وهذا ما يعد ضروريًّا لتحقيق الأمن العام، ويعطي للعقوبة مشروعيتها، وعليه ظهرت مشكلة هذه الدراسة وأهدافها في معرفة إلى أي مدى استطاعت العقوبات الجنائية أن تحقق المنفعة المستقبلية للعقوبة (تحقيق هدف الزجر، استفادة السجناء من البرامج الإصلاحية، جعل السجناء يدركون الهدف الحقيقي من وجودهم في السجن، إعادة بناء ثقة السجناء بأنفسهم، خفض مشاعر الوصم بالانحراف لدى السجناء، استفادة السجناء من برامج الرعاية اللاحقة، خفض مشاعر الكره والنقمة على المجتمع لدى السجناء... إلخ).وتضمن الكتاب مقدمة وخمسة فصول: تناول الفصل الأول الإطار النظري للدراسة من خلال الموضوعات التالية: تغيير فلسفة العقاب، النظريات المفسرة للجريمة والعقوبة في العقد الاجتماعي ثم في العصور القديمة وعصر النهضة والعصر الحديث، ثم تفسير الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية، وأخيرًا نظريات تبرير العقوبة، ثم تناول سوسيولوجيا القضاء: نشأة القضاء وتطوره وحماية استقلاله وإعداد القضاء وتخصصه، وإجراءات التقاضي، وسوسيولوجيا المحاكم وتقويم كفايتها.وتناول الفصل الثاني الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع الدراسة، أما الفصل الثالث فقد تناول الإطار الميداني للدراسة أي الإجراءات المنهجية للدراسة ومن ثم عرض نتائج الدراسة الميدانية وتفسيرها.
NA